ويِجبُ الإِيمانُ على التفصيَلِ بمن وَرَدَ تَعْيينهُ باسمهِ المخصوصِ كَجبرِيل ومكيائيل وإسرافيل ورضوان ومَالك، فَجبريلُ هو الموكلُ بأَداءِ الوَحْي وهو الروحُ الأمين، ومِيْكَائِيلُ المُوكلُ بالقَطْرِ، وإسرافيلُ الموكلُ بالصورِ، ومَلَكُ الموتِ الموكلُ بِقَبْضِ الأَرْوَاحِ.
ومنهم الموكلُ بأعمالِ العِباد، وهُمْ الكرَامُ الكَاتُبِون، ومنهم الموكلُ بِحفْظِ العَبْدَ مِن بينَ يديهِ ومن خَلْفهِ وهُمُ المعَقّبَاتُ، ومنهم الموكلُ بالجنةِ ونَعيْمِهَا وهُمْ رِضوانُ ومَن مَعَهُ.
ومنهم الموكلُ بالنَّارِ وعَذابها وهُمْ ماَلِكُ ومَن مَعَه، ومنهم الموكلُ بِفتنةِ القبر وَهم مُنْكَرٌ ونكِير، ومنهم حملةُ العرشِ.
ومنهم الموكلُ بالنُّطَف في الأرحامِ وكتابة ما يراد بها، ومنهم ملائكةٌ يَدخُلُون البيَتَ المعمورَ يَدخُلُه كُلَّ يومٍ سَبْعُونَ ألفًا ثم لا يَعُودُون، ومنهم ملائكةٌ سَيَّاحُونَ يَتّبعُون مَجالِسَ الذِكرِ وغير ذلك.
ويَجِبُ الإِيمانُ بِمن لم يَردْ تعْيِينهُ باسمهِ المخصوصِ أو تَعْيِينُ نوعِهِ المخصوصِ إجمالاً والله أعلم بعَدَدِهَم، قال تعالى: {كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلآئِكَتِهِ} الآية، وقال تعالى: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ} الآية.
فجعل الإيمانَ هو الإيمانُ بهِذِه الجملةِ، وسَمَّى مَن آمنَ بهذه الجملةِ مُؤْمِنين كما جَعَلَ الكافرين مَن كَفَر بهِذِه الجُملةِ بقوله: {وَمَن يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ} الآية.
وفي حديث جبريل: «أن تُؤْمِنَ باللهِ وملائكتهِ وكُتُبِه» الحديث فهذه الأصول اتَّفقَتْ عليها الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، ولم يؤمن بها حقيقة الإيمان إلا الرسلُ وَأتباع الرسل.