عَزِيزٌ عَلَى مِثْلِي إِعَارَةُ مِثْلِهِ ... لِمَا فِيهِ مِنْ عِلْمٍ لَطِيفٍ وَمِنْ نَظْمٍ
جُمُوعٌ لأَصْنَافِ الْعُلُومِ بِأَسْرِهَا ... فَأَخْلِقْ بِهِ أَنْ لا يُفَارِقَهُ كُمِّي
(فَصْلٌ)
في نماذج من وصايا السلف وثباتهم عند الموت رحمة الله على تلك الأرواح
الأولى: وصية أبي بكر رضي الله عنه:
عن أبي المليح أن أبا بكر رضي الله عنه لما حضرته الوفاة أرسل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: أني أوصيك بوصية، إن أنت قبلتها عني: إن لله عز وجل حقًا بالليل لا يقبله بالنهار، وإن لله عز وجل حقًا بالنهار لا يقبله بالليل، وإنه عز وجل لا يقبل النافلة حتى تؤدَّى الفريضة، ألم تر إنما ثقلت موازينه في الآخرة بإتباعهم الحق في الدنيا، وثقل ذلك عليهم، وحق لميزان لا يوضع فيه إلا حقًا أن يثقل، ألم تر إنما خفت موازين من خفت موازينه في الآخرة بإتباعهم الباطل في الدنيا، وخف ذلك عليهم، وحق لميزان لا يوضع فيه إلا باطلاً، أن يخف، ألم (تر) أن الله عز وجل أنزل آية الرجاء عند آية الشدة، وآية الشدة عند آية الرجاء، لكي يكون العبد راغبًا راهبًا، لا يلقي بيده إلى التهلكة، لا يتمنى على الله عز وجل غير الحق، فإن أنت حفظت وصيتي فلا يكونن غائب أحب إليك من الموت، ولا بد لك منه، وإن أنت ضيعت وصيتي هذه فلا يكونن غائب أبغض إليك من الموت. والله أعلم. وصلى الله على محمد وآله وسلم.
وصية عمر رضي الله عنه:
عن الشعبي قال: لما طعن عمر رضي الله عنه جاء ابن عباس فقال: يا أمير المؤمنين! أسلمت حين كفر الناس، وجاهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين خذله الناس، وقتلت شهيدًا ولم يختلف عليك اثنان، وتوفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -