المسلمين بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
" فَوَائِد عَظِيْمَة النَّفْعِ "
واعجبًا منك يضيع منك الشيء القليل وتتكدر، وتتأسف، وقَدْ ضاع أشرف الأَشْيَاءِ عندك وَهُوَ عمرك الَّذِي لا عوض لَهُ، وأَنْتَ عند قَتَّالاتِ الأوقات، الكورة والتلفاز والمذياع ونحوها من قطاع الطَرِيق عَنْ الأَعْمَال الصَّالِحَة، ولكن ستندم {يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ}
وقَالَ آخر: من تفكر فِي قصر العمر المعمول فيه، وفكر فِي امتداد زمان الجزاء الَّذِي بعد البعث اختطف اللحظة من عمره وانتهبها، وعباها فِي الباقيات الصالحات وزاحم كُلّ فضيلة فَإِنَّهَا إِذَا فاتت فلا تدرك أبدًا، ولله أقوام ما رضوا من الفضائل إلا بتحصيلها كاملة، فهم يبالغون فِي كُلّ علم، ويثابرون على كُلّ فضيلة، فإذا ضعفت أبدانهم عَنْ بَعْض ذَلِكَ قامت النيات نائبة عَنْهَا.
شِعْرًا: ... الْجَدُّ بِالْجَدِّ وَالْحِرْمَانَ فِي الْكَسَلِ ... فَانْصِبٍ تُصِبْ عَنْ قَرِيبٍ غَايَة الأَمَلِ
ويقول الآخر:
فَكَابِدْ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ النَّفْسَ عَذْوَهَا ... وَكُنْ فِي اقْتِبَاسِ الْعِلْمِ طَلاع أَنْجُدِ
وَلا يَذْهَبَنَّ الْعُمْر مِنْكَ سَبَهْلَلا ... وَلا تَغْبَن بِالنِّعْمَتَيْنِ بَلْ أجْهِدِ
فَمَنْ هَجَرَ اللذَّاتِ نَالَ الْمُنَى وَمَنْ ... أَكَبَّ عَلَى اللذَّاتِ عَضَّ عَلَى الْيَدِ
آخر: ... فَشَمِّرْ وَلُذْ بِاللهِ وَأحْفَظْ كِتَابَهُ ... فَفِيهِ الْهُدَى حَقًّا وَلِلْخَيْرِ جَامِعُ
هُوَ الذُّخْرُ لِلْمَلْهُوفِ وَالْكِنْزُ وَالرَّجَا ... وَمِنْهُ بِلا شَكٍّ تُنَالَ الْمَنَافِعُ
وَبِهِ يَهْتَدِي مَنْ تَاهَ مُهِمَّهِ الْهَوى ... بِهِ يَتَسَلَّى مَنْ دَهَتْهُ الْفَجَائِعُ
آخر: ... يَا عَاشِقَ الْعَيْشِ فِي الدُّنْيَا وَزُخْرُفُهَا ... هَلْ أَخْلَدَ النَّاسَ مَا حَازُوا وَمَا عَمِرُوا
عَلَيْكَ بِاللَّيْلِ فِي الأَذْكَارِ تُعَمِّرهُ ... وَدَعْ مَلَذَّتِهِ الأُخْرَى لِمَنْ كَفَرُوا
لَغَمْسَةٌ فِي جِنَانِ الْخُلْدِ خَاطِفَةً ... تُنْسِيكَ مَا مَرَّ مِنْ بُؤْسٍ لَهُ خَطَرُ