.. أَأَنْتَ صَدِيقُ أَمْ عَدُوٌّ لِنَفْسِهِ ... فَإِنَّكَ تَرْمِيهَا بِكُلِّ مُصِيبَةِ
وَلَوْ فَعَلَ الأَعْدَا بِنَفْسِكَ بَعْضَ مَا ... فَعَلْتَ لِمَسَّتْهُمْ لَهَا بَعْضُ رَحْمَةِ
لَقَدْ بِعْتَهَا هَوْنًا عَلَيْكَ رَخِيصَةً ... وَكَانَتْ بِهَذَا مِنْكَ غَيْرَ حَقِيقَةِ
أَلا فَاسْتَفِقْ لا تَفْضَحَنْهَا بِمَشْهَدٍ ... مِنْ الْخَلْقِ إِنْ كُنْتَ ابنَ أُمٍّ كَرِيمَةِ
فَبَيْنَ يَدَيْهَا مَشْهَدٌ وَفَضِيحَةٌ ... يُعَدُّ عَلَيْهَا كُلُّ مِثْقَالِ ذَرَّةِ
فُتِنْتَ بِهَا دُنْيَا كَثِيرٍ غُرُورُهَا ... تُعَامِلْ فِي لَذَّتهِاَ بِالْخَدِيعَةِ
إِذَا أَقْبَلَتْ بَذَّتْ وَإِنْ هِيَ أَحْسَنَتْ ... أَسَاءَتْ وَإِنْ ضَاقَتْ فَثِقْ بِالْكُدورَةِ
وَإِنْ نِلْتَ مِنْهَا مَالَ قَارُونَ لَمْ تَنَلْ ... سِوَى لُقْمَةٍ فِي فِيكَ مِنْهَا وَخِرْقَةِ
وَهَيْهَاتَ تُحْظَى بِالأَمَانِي وَلَمْ تَكُنْ ... وَكَانَتْ بِهَذَا مِنْكَ غَيْرَ حَقِيقَةِ
فَدَعْهَا وَأَهْلِيهَا لِتَغْبِطَهُمْ وَخُذْ ... لِنَفْسِكَ عَنْهَا فَهُوَ كُلُّ غَنِيمَةِ
وَلا تَغْتَبِطْ مِنْهَا بِفَرَحَةِ سَاعَةٍ ... تَعُودُ بِأَحْزَان عَلَيْكَ طَوِيلَةِ
فَعَيْشُكَ فِيهَا أَلْفُ عَامِ وَتَنْقَضِي ... كَعَيْشِكَ فِيهَا بَعْضُ يَوْمِ وَلَيْلَةِ
قَالَ بَعْضهمْ يوبخ نَفْسهُ توعيظها: يَا نفس بادري بالأوقات قبل انصرامها، واجتهدي فِي حراسة ليالي الحياة وأيامها، فكأنك بالقبور قَدْ تشققت، وبالأمور وقَدْ تحققت، وبوجوه المتقين وقَدْ أشرقت، وبرؤوس العصاة وقَدْ أطرقت، قَالَ تَعَالَى وتقدس: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ} ، يَا نفس أما الورعون فقَدْ جدوا، وأما الخائفون فقَدْ استعدوا، وأما الصالحون فقَدْ فرحوا وراحوا وأما الواعظون فقَدْ نصحوا.
اللَّهُمَّ قوي إيمانَنَا بِكَ وَنَوِّر قلوبنا بنور الإِيمَان وَاجْعَلْنَا هداة مهتدين، اللَّهُمَّ يَا مقلب الْقُلُوب ثَبِّتْ قلوبنا على دينك وألهمنا ذكرك وشكرك وأمنا من سطوتك ومكرك وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِين بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلّى اللهُ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين.