قِيْلَ لِعُمَرَ بن عَبْدِ الْعَزِيز جَزَاكَ اللهُ عَن الْمُسْلِمِين خَيْرًا فقَالَ: بَلْ جَزَى الْمُسْلِمِين عَنِّي خَيْرًا.
وَأَتَى إِلَيْهِ مَظْلُومٌ مِنْ الْيَمَنِ فَكَتَبَ لِعَامِلِهِ بِالْيَمَنِ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ حَقَّهُ وَيُنْصِفَه مِمَّنْ ظَلَمَهُ، ثُمَّ قَالَ لِلْمَظْلُومِ: كَمْ نَفَقَتُكَ مِن الْيَمَنِ إِلَى هُنَا وَهَلْ بَلي مِنْ أَثْوَابِكَ شَيْء ثُمَّ دفعها إليه.
وَأَتَى إِلَيْهِ فَقِير وَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اشْتَدَّتْ بِي الْحَاجَةُ وَبَلَغَتْ بِي الْفَاقَةُ واَللهُ سَائِلُكَ عَنْ مَقَامِي هَذَا بَيْنَ يَدَيْكَ، فَبَكَى عُمَر حَتَّى بَلَّ الْقَضِيبَ الَّذِي يَتَّكِئُ عَلَيْهِ فَقَالَ: كَمْ عِيَالكَ؟ قَالَ: خَمْسَة أَنَا وَامْرَأَتِي وَثَلاثَةُ أَوْلاد. فقَالَ عُمَرُ: فَرَضْنَا لَكُمْ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فِي الشَّهْرِ وَنَأْمُرُ لَكَ بِخَمْسِمَائَةِ دِرْهَمْ مَائتين مِنْ مَالِي وَثَلاثمائة مِنْ مَالِ اللهِ حَتَّى تَتَبَلَّغَ بِهَا حَتَّى يَخَرَجَ عَطَاؤك.
وَقُدِّمُ لَهُ هَدِيَّةٍ وَقَالُوا لَهُ: أقْبَلْهُاَ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةِ، فقَالَ: كَانَتْ لِلنَّبِي - صلى الله عليه وسلم - هَدِيَّة وَهِيَ الآنَ لَنَا رِشْوَة وَرَفَضَهَا.
وَاللهُ أَعْلَمُ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
(فَصْلٌ) : بَعْدَ الصُّلْحِ بَيْنَ أَبِي عُبَيْدَةَ وَالرُّوم قَدَّمَ قَائِدٌ رُومَانِي طَعَامًا فَاخِرًا لأَبِي عُبَيْدَةَ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَتُطْمِعُونَ الْجُنْدَ مِثْلَ هَذَا. قَالَ: لا.
فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: لا حَاجَةَ لَنَا فِيمَا يَقْتَصِرُ عَلَيْنَا بِئْسَ أَبُو عبيدة وَقَدْ صَحِبَهُ جُنْدٌ مِن بِلادِهِمْ لِيُهْرِقُوا دِمَاءَهُمْ أَوْ لم يُهْرِقُوا فَاسْتَأْثَرَ بِنَفْسِهِ عَلَيْهِمْ بشَيْء لا نأكل إلا مِمَّا يأكلون.
رَكَبَ الْوَزِيرُ عَلِيُّ بنُ عِيسَى الظَّالِم فِي مَوْكِبٍ عَظِيم فَقَالَ النَّاس: مَنْ هَذَا مَنْ هَذَا؟ فَقَالَتْ امرأةٌ: لِمَ تَقُولُونَ مَنْ هَذَا. هَذَا عَبْدٌ غَرَّهُ الشَّيْطَانُ فَسَقَطَ مِنْ عَيْنِ اللهِ تَعَالَى فَابْتَلاهُ اللهُ بِمَا تَرَوْنَ فَرَجَعَ الْوَزِيرُ إِلَى مَكَّة تَائِبًا مُجَاوِرًا.
كَتَبَ وَالٍ لِعُمَر بن عَبْد الْعَزِيز إِنَّ قَوْمًا اخْتَلَسُوا مَالَ الدَّوْلَةِ فَأْذَنْ لِي فِي