قَالا: وَاللهِ مَا أَخْرَجَنَا إلاَّ مَا نَجِدُ فِي بُطونِنَا مِنْ حَاقِ الْجُوعِ. قَالَ: "وَأنَا والذى نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَخْرَجَنِي غَيْرُهُ، فَقُومَا". فَانْطَلَقُوا (207/ 1) حَتَّى أتَوْا بَابَ أَبِي أَيُّوبَ الأنْصَاريّ- وَكَانَ أَبُو أَيوبَ يَدَّخِرُ لِرَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- طَعَاماً مَا كَانَ، أَوْ لَبَناً (?) - فَأَبْطَا عَنْهُ يَوْمَئِذٍ، فَلَمْ يَأْتِ لِحِينِهِ، فَأَطْعَمَهُ لأَهْلِهِ، وَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلِهِ يَعْمَلُ فِيهِ، فَلَمَّا انْتَهَوْا إلَى الْبَاب خَرَجَتِ امْرأَتهُ فَقَالَتْ: مَرْحَباً بِنَبِيِّ الله -صلى الله عليه وسلم- وَبِمَنْ مَعَهُ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-: "فَأَيْنَ أَبُو أَيُّوبَ؟ ". فَسَمعَ وَهُوَ يَعْمَل فِي نَخْلٍ لَهُ، فَجَاءَ يَشْتَدُّ، فَقَالَ: مَرْحَباً بِنَبِيِّ الله -صلى الله عليه وسلم- وَبِمَنْ مَعَهُ، يَا نَبِيَّ الله لَيْسَ بِالْحِينِ الّذِي كُنْتَ تَجيءُ فِيهِ؟. فَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "صَدَقْتَ". قَالَ: فَانْطَلَقَ فَقَطَعَ عِذْقاً (?) مِنَ الَنَّخْلِ فِيهِ مِنْ كُلٍّ مِنَ التَّمْرِ والرُّطَب وَالْبُسْرِ، فَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا أرَدْتَ إِلَى هذَا؟، أَلَا جَنَيْتَ لَنَا مِنْ تَمْرِهِ". قًالَ: يَا نَبِيّ الله، أحْبَبْتُ أن تَأكُلَ مِنْ تَمْرِهِ وَرُطَبِهِ وَبُسْرِهِ، وَلأذْبَحَنَ لَكَ مَعَ هذَا. قَالَ: "إِنْ ذَبَحْتَ فَلاَ تَذْبَحَنَّ ذَاتَ دَرٍّ"؟ فَأخَذَ عَنَاقاً- أوْ جَدْياً- فَذَبَحَهُ وَقَالَ لامْرأَتهِ: اخْبِزِي وَاعْجِنِي، وَأَنتِ أَعلَمُ بِالْخُبْزِ. فَاخذَ الْجَدْيَ فَطَبَخَهُ وَشَوَى نِصْفَهُ. فَلَمَّا أدْرَكَ الطعَامَ وَوَضَعَ بَيْنَ يَدَي النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَأَصْحَابِهِ، أَخَذَ مِنَ الْجَدْي فَجَعَلَهُ فِي رَغِيفٍ وقال: "يَا أَبَا أَيُّوبَ ابْلُغْ بِهذَا فَاطِمَةَ فَإِنَّهَا لَمْ تُصِبْ مِثْلَ هذَا منْذُ أَيَّام "، فَذَهَبَ بِهِ أَبُو أَيُّوبَ إلَى