حِلْمُهُ جَهْلَهُ، وَلا تَزِيدُهُ شِدَّةُ الْجَهْلِ عَلَيْهِ إِلا حِلْماً. فَلَبِثْتُ أتَلَطَفُ لَهُ لأَنْ أُخَالِطَهُ فَأعْرِفَ حِلْمَهُ وَجَهْلَهُ، فَخَرَجَ يَوْماً مِنَ الْحُجُرَاتِ وَمَعَهُ عَلِي ابْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَأتَاهُ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَتِهِ كَالْبَدْوِيّ فَقَالَ: يَا رسول الله، أهْلُ قَرْيَةِ بَنِي فُلانٍ أَسْلَمُوا وَدَخَلُوا فِي الإِسْلام، وَكُنْتُ أُخْبِرُهُمْ إِنْ أسْلَمُوا، أتَاهُمُ الرِّزْقُ رَغَداً، وَقَدْ أصَابَتْهُمْ سَنَةٌ (?) وَقُحُوطٌ مِنَ الْغَيْثِ، وَأنَا أخْشَى يَا رسول الله أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ الإسْلام طَمَعاً، فَإِنْ رَأيْتَ أَن تُرْسِلَ إِلَيْهِمْ مَا يُعِينُهُمْ، فَعَلْت. فَنَظَرَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-إِلَى رَجُلٍ عَنْ جَانِبِهِ- أُرَاهُ عُمَرَ، فَقَالَ: مَا بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ زَيْدُ بْنُ سَعْنَةَ: فَدَنَوْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا مُحَمَّدٌ، هَلْ لَكَ أن تَبِيعَنِي تَمْراً مَعْلُوماً مِنْ حَائِطِ بَنِي فُلاَنٍ إِلَى أَجَلِ كَذَا وَكَذَا؟. قَالَ: "لا، يَا يَهُودِي، وَلكِنْ أبِيعُكَ تَمْراً مَعْلُوماً إِلَى أجَلِ كَذَا" وَكَذَا، وَلا اسَمِّي حَائِطَ بَنِي فُلانٍ". قلْتُ: نَعَمْ. فَبَايَعَنِي -صلى الله عليه وسلم-، فَاطْلَقْتُ هِمْيَانِي (?) فَاعْطَيْتُهُ ثَمَانِينَ مِثْقَالاً مِنْ ذَهَبِ فِي تَمْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أجَلِ كَذَا وَكَذَا، فَأعْطَاهَا الرَّجُلَ وَقَالَ: اعْجِلْ عَلَيْهِمْ وَأغِثْهُمْ. قَالَ زَيْدُ بْنُ سَعْنَةَ: فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ مَحِلِّ الأجَلِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاثَةٍ خَرَجَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فِي جَنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الأنْصَارِ وَمَعَهُ أبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ فِىِ نَفَرٍ مِنْ أصْحَابِهِ. فَلَمَّا صَلَّى عَلَى الْجَنَازَةِ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015