عَلَى رَأْسِهِ، فَإِذَا هُوَ عَلَى سَرِيرٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَعَلَى رَأْسِهِ التَّاجُ. فَمَضَيْتُ كَمَا أنَا، وَنَكَّسْتُ رَأْسِي لأقْعُدَ مَعَهُ علَى السَّرِيرِ، قَالَ: فَدُفِعْتُ وَنُهِرْتُ (?)، فَقُلْتُ: إِنَّ الرُّسُلَ لاَ يُفْعَلُ بِهِمْ هذَا. فَقَالُوا لي: إِنَّمَا أنْتَ كَلْبٌ، أتَقْعُدُ مَعَ الْمَلِكِ؟. فَقُلْتُ: لأنَا أشْرَفُ (135/ 1) في قَوْمِي مِنْ هذَا فِيكُمْ، قَالَ: فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ: اجْلِسْ. فَجَلَسْتُ. فَتُرْجِمَ لِي قَوْلُهُ. فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ، إنَّكُمْ كُنْتُمْ أطْوَلَ النَّاسِ جُوعاً، وَأعْظَمَ النَّاسِ شَقَاءً، وَأقْذَر النَّاسِ قَذَراً، وَأَبْعَدَ النَّاسِ دَاراً، وَأبْعَدَهُ مِنْ كُل خَيْرٍ. وَمَا كَانَ منَعَنِي أنْ آمُرَ هذِهِ الأسَاوِرَةَ حَوْلي أنْ يَنْتَظِمُوكُمْ (?) بِالنَّشَّابِ إلا تَنَجُّساً لِجِيفَتِكُمْ لأنَّكُمْ أرْجَاسٌ، فَإِنْ تَذْهَبُوا نُخَلِّ عَنْكُمْ، وَإِنْ تَابَوْا، نُرِكُمْ مَصَارِعَكُمْ. قَالَ الْمغِيرَةُ: فَحَمِدْتُ الله وَأثْنَيْتُ عَلَيْهِ وَقُلْت: وَالله مَا أخْطَأْتَ مِنْ صِفَتِنَا وَنَعْتِنَا شَيْئاً، إِنْ كُنَّا لأبْعَدَ النَّاسِ دَاراً، وَأشَد النَّاسِ جُوعاً، وَأعْظَمَ النَّاسِ شَقَاءً، وَأبْعَدَ النَّاسِ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ، حَتَّى بَعَثَ الله إِلَيْنَا رَسُولاً فَوَعَدَنَا بِالنَّصْرِ، فِي الدُّنْيَا، وَالْجَنَّةِ فِي الآخِرَةِ، فَلَمْ نَزَلْ نَتَعَرَّفُ مِنْ رَبِّنَا- مُذْ جَاءَنَا رَسُولُهُ-صلى الله عليه وسلم-الْفَلاَح وَالنَّصْرَ، حَتَّى أتَيْنَاكُمْ. وَإنَّا وَالله نَرَى لَكُمْ مُلْكاً وَعَيْشاً لا نَرْجِعُ إِلَى ذلِكَ الشَّقَاءِ أبَداً حَتَّى نَغْلِبَكُمْ عَلَى مَا فِي أيْدِيكُمْ أوْ نُقْتَلَ فِي أرْضِكُمْ.