الْقُرْآنَ وَينْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ، فَيُسْلِمُونَ بِإسْلامِهِ، حَتى لَمْ يَبْقَ دارٌ مِنْ دُورِ الأنْصَارِ إلاَّ وَفِيهَا رَهْط مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُظْهِرُونَ الإسْلامَ. ثُمّ إِنَّا اجْتَمَعْنَا فَقُلْنَا: حَتَّى مَتَى نَتْرُكُ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يُطْرَدُ فِي جِبَالِ مَكَّةَ وَيُخَافُ؟ فَرَحَلَ إلَيْهِ مِنَّا سَبْعُونَ رَجُلاً حَتى قَدِمُوا عَلَيْهِ مَكةَ فِي الْمَوْسِمِ، فَوَاعَدْنَاهُ يَيْعَةَ (?) الْعَقَبَةِ، فَاجْتَمعْنَا عِنْدَهَا مِنْ رَجُلٍ وَرَجُلَيْنِ حَتَّى تَوَافَيْنَا فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ الله عَلامَ نُبَايِعُكَ؟ قَالَ: "تُبَايِعُونِي عَلَى السَّمع وَالطَّاعَةِ فِي النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ، وَعَلَى النَّفَقَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَعَلَى الأمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهيْ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَأنْ تَقُولَهَا لا تُبَالِي فِي اللهِ لَوْمَةَ لائِمٍ، وَعَلَى أنْ تَنْصُرُونِي وَتَمْنَعُونِي (129/ 2) إذَا قَدِمْتُ عَلَيْكُمْ مِمَا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أنْفُسَكُم وَأزْوَاجَكُمْ وَأبْنَاءَكُمْ، وَلَكُمُ الْجَنَّةُ". فَقُمْنَا إلَيْهِ فَبَايَعْنَاهُ وَأخَذَ بِيَدِهِ اسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَهُوَ مِنْ أصْغَرِهِمْ، فَقَالَ: رُويداً يَا أَهْلَ يَثْرِبَ، فَإنَّا لَمْ نَضْرِبْ أَكْبَادَ الإبِلِ إلاَّ وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، وَإنَّ إِخْرَاجَهُ الْيَوْمَ مُنَازَعَةُ الْعَرَبِ كَافَّةً، وَقَتْلُ خِيَارِكُمْ، وَإِنْ تَعُضَّكُمُ السُّيُوفُ، فإمَّا أن تَصْبرُوا عَلَى ذلِكَ وَأجْرُكُمْ عَلَى الله، وَإِمَّا أَنْتُمْ تَخَافُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ جُبْناً، فَبَيِّنُوا ذلِكَ، فَهُوَ اعْذَرُ لَكُمْ. فَقَالُوا: أمِطْ (?) عَنَّا، فَوَالله لاَ نَدَعُ هذِهِ الْبَيْعَةَ ابَداً. فَقُمْنَا إلَيْهِ فَبَايَعْنَاهُ، فَأَخَذَ عَلَيْنَا، وَشَرَطَ أن يُعْطِيَنَا عَلَى ذلِكَ الْجَنَّةَ (?).