وبالاعتِبار الثَّاني: إِنَّما يُعْرَف التَّفضِيْلُ بَيْنَهم بالتَّقْرِيْبِ بِحَسَبِ القَدْرِ المُشْتَرَكِ بَيْنَهُمْ في مَوادِّ شِعْرِهِم، مِثْلَ أَنْ نَنْظُرَ: أَيُّهم أَحْسَنُ مبَادِي ومَقَاطِعَ وتَشْبِيهاتٍ واسْتِعارَةٍ، وأَشَدُّ تَمَكُّنَ فواصِلَ، وأَقَلُّ صَوْناً في شِعْرِهِ، فَيُحْكَمُ لَهُ، وإليهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: «فإن كانَ ولا بُدَّ، فالمَلِكُ الضِّلِّيلُ»؛ أَيْ: لا طَرِيْقَ إِلَّا التَّفْضِيلُ بَيْنَهُمْ تَقْريباً، فالمَلِكُ الضِّلِّيْلُ أَفْضَلُهُم؛ لِأَنَّهُ في القَدْرِ المُشْتَرَكِ الذي ذَكَرْنَاهُ بَيْنَهُمْ أَرْجَحُ مِنْهُمْ.

الأَمْرُ الثَّالِثُ: في قَوْلِهِ: «فالمَلِكُ الضِّلِّيلُ». إِنَّ وَصْفَهُ لَهُ بالمَلِكِ، فَلِأَنَّهُ كانَ مَلِكاً ابنَ مَلِكٍ، وقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ في شِعْرِهِ حَيْثُ يَقولُ:

وكُنَّا أُناسَاً قَبْلَ غَزْوَةِ قَرْمَلِ ... وَرِثْنَا الغِنَى والمَجْدَ أَكْبَرَ أَكْبَرا

وقَوْلُهُ:

فَقُلْتُ له: لا تَبْكِ عَيْنُكَ إِنَّما ... نُحاوِلُ مُلْكاً أو نَموتَ فَنُعْذرا

وقَوْلُهُ:

ولكِنَّما أَسْعَى لِمَجْدٍ مُؤَثَّلٍ ... وقد يُدْرِكُ المَجْدَ المُؤَثَّلَ أَمْثَالي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015