أما ميراث الأخوات الشقيقات فله ثلاث حالات: الحالة الأولى: يرثن بالفرض.
الحالة الثانية: يرثن بالتعصيب بالغير.
الحالة الثالثة: يرثن بالتعصيب مع الغير.
هناك فرق بين التعصيب مع الغير والتعصيب بالغير، فالتعصيب مع الغير لا بد أن يكون في المسألة إناث مع الإناث فقط، ولا يوجد فيها رجل.
أما التعصيب بالغير فلا بد أن يكون في المسألة ذكر.
والأخوات الشقيقات يرثن بالفرض بشروط ثلاثة: الشرط الأول: عدم وجود الأصل الوارث الذكر الأب أو الجد على الراجح، وإن كان الجد فيه خلاف فقهي عريض، لكن الصحيح الراجح أن الجد ينزل منزلة الأب، كما قال ابن عباس: (ألا يتقي الله زيد، يجعل ابن الابن ابناً، ولا يجعل أب الأب أباً).
الثاني: عدم وجود الفرع الوارث سواء كان ذكراً أو أنثى؛ لأنه لو وجد فرع وارث ذكر فلن ترث الأخوات أصلاً، وإذا وجد فرع وارث أنثى ورثن بالتعصيب.
الشرط الثالث: عدم وجود معصب لها، وهو أخوها الذي في درجتها.
مثال: هلك هالك عن أختين أو عن ثلاث أخوات فهنا تحقق الشرط الأول، وهو عدم وجود أصل الذكر وتحقق الشرط الثاني، وهو عدم وجود فرع ارث مطلقاً، وتحقق أيضاً الشرط الثالث لعدم وجود معصب لها وهو الأخ، فإن توفرت هذه الشروط، فإنها ترث بالفرض؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر).
وفي حالة تحقق الشروط الثلاثة، يكون لها حالتان: فإما أن تكون واحدة، وإما أن يكون معها غيرها من أخواتها، فإن كانت واحدة فلها النصف، وإن كن أكثر فلهما أو لهن الثلثان، والدليل على ذلك قوله تعالى: {إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ} [النساء:176].
الحالة الثانية: وهي أن ترث الشقيقة بالتعصيب بالغير، وهنا لا بد أن يكون في المسألة أخوها الذكر، فيكون للذكر مثل حظ الأنثيين، ودليل ذلك قول الله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء:176].
مثال: هلك عن ثلاث أخوات وأخ أشقاء، فلا نقول: الأخوات لهن الثلثان فرضاً؛ لوجود أخيهن الذي في درجتهن معهن، فيكون معصباً لهن فيرثن بالتعصيب بالغير، للذكر مثل حظ الأنثيين.
الحالة الثالثة: يرثن بالتعصيب مع الغير، وذلك عند وجود فرع وارث أنثى.
مثاله: هلك هالك عن بنت وثلاث أخوات شقيقات، فالبنت تأخذ الفرض النصف؛ لقوله تعالى: ((فإن كانت واحدة فلها النصف)).
والأخوات الشقيقات يرثن معها بالتعصيب، أي: يقمن مقام الأخ الذكر، والدليل على ذلك أثر ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه (لما سئل عن رجل هلك عن بنت وبنت ابن وأخت، فحكم فيها أبو موسى الأشعري رضي الله عنه وأرضاه بأن البنت لها النصف، وبنت الابن ليس لها شيء، فلما قيل لـ ابن مسعود في ذلك قال: قد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين، سأحكم فيها بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: للبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين، والأخت لها الباقي تعصيباً).
إذاً: هذا هو ميراث الأخوات الشقيقات: يرثن بالفرض، ويرثن بالتعصيب بالغير، ويرثن بالتعصيب مع الغير.