ثالثاً: من الحقوق المتعلقة بالتركة: الوصايا، وتوزع الوصايا بعد الانتهاء من الدين، وقد يقول قائل: كيف توزعون الدين قبل الوصية وقد قال الله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء:11]؟ فبهذا تكونون قد خالفتم النص القرآني.
و صلى الله عليه وسلم أن علي بن أبي طالب قال: (قضى رسول لله بالدين قبل الوصية) وقضاء الرسول فيه حجة على التقديم والتأخير، الرسول بقضائه فأعلمنا مراد الله من الآية حيث قدم الدين على الوصية، وقد أجمعت الأمة على أن تقسيم عين التركة لا يكون إلا بعد قضاء الدين ثم الوصية.
والحكمة من تقديم الدين على الوصية ظاهرة جداً، وهي أن الوصية مستحبة، والدين واجب السداد، والقاعدة العمومية: أن الواجبات تقدم على المستحبات، أما الوصية لوارث فلا تجوز، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قد أعطى الله لأهل الفروض حقهم، فلا وصية لوارث).
والصحيح الراجح في ذلك أن الوصية للوارث كانت معتبرة قال الله تعالى في سورة البقرة: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ} [البقرة:180].
ووجه الشاهد قوله: (للوالدين) ثم نسخت بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا وصية لوارث) فالوصية لوارث محرمة إلا أن يجيزها الورثة، ودليل ذلك: حديث الدارقطني قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أن يجيز الورثة) وهذا الحديث فيه تصريح بذلك.
أما الوصية لغير الوارث فهي الأصل، لكن لا بد أن تحدد أولاً بالثلث لتصح، فقد جاء في حديث سعد عندما قال له: (أأترك أتصدق بشطر مالي؟ قال له: لا، الثلث، والثلث كثير).
والصحيح الراجح: أنها تكون بالثلث.
الحالة الثانية: الوصية بما فوق الثلث فلا تصح إلا أن يجيز الورثة أو بالإجماع على أن من كان له حق فأسقطه صح ذلك.