غَزِيرةً، وكان مِن أَبْرَزِها: (كَشْفُ المُخَدَّرَاتِ) الَّذي شَرَح فيه كتابَ شَيخِ مَشايِخِه ابنِ بَلْبانَ: (أَخْصَرَ المُخْتَصَرَاتِ (?)، و (بُلُوغُ القَاصِدِ جُلَّ المَقَاصِدِ) الَّذي شَرَح فيه مُختصَرَهُ هذا (بِدايَةَ العَابِدِ)، وهو شَرْحٌ صَغيرٌ لم يَذكُرْ فيه دَليلًا، ولم يَقصِدْ فيه تَطويلًا، وقد مَنَّ اللهُ عليه بالاستِقامَةِ إلى وَفاتِهِ سَنَةَ (1192 هـ)، فَرَحِمَهُ اللهُ رَحمةً واسِعةً، وأَجْزل له الثوابَ في الآخِرةِ.
ولَمَّا رَأيْنا في مُصَنَّفِه هذا حُسنَ تَصنيفٍ، وبَديعَ تأليفٍ، وصَلاحيَّتَه للمُبتَدي، ونَفْعَه للمُنتَهي، وإنارَتَه للنَّاسكِ المُقتَدي، استعَنَّا المولى في رَقْمِ شرحٍ يُبيِّنُ مُرادَه، ويَحُلُّ ألفاظَه، ويُذلِّلُ صِعابَه، على وجهٍ يَكْشِفُ النِّقابُ عن مَسائلِه، ويَمتزِجُ فيه الشَّرحُ بعِبارتِه، وتَنقسِمُ فيه المسائلُ إلى أقسامِها، وتَتنوَّعُ فيه الفُروعُ إلى أنواعِها، وتَنحصِرُ فيه المباحِثُ إلى أحوالِها، مُشتمِلًا في كُلِّ مَسألةٍ على دَليلٍ أو تعليلٍ، دون إسهابٍ أو تطويلٍ، ولم نَخرُجْ في ذلك كُلِّه عن المُعتَمَدِ عند الحنابِلةِ المتأخِّرين، وكان غَالِبُ استِمْدادِنا مما كَتَبَه عُمْدَةُ المُؤَلِّفِين، الشَّيخُ مَنصورُ بنُ يُونُسَ البُهُوتيُّ رحمه الله، في كتابَيْهِ: (كَشَّافِ القِنَاعِ)، و (شَرْحِ مُنْتَهَى الإرَادَاتِ).
فإن كان ثَمَّ رَوايةٌ، أو وَجهٌ، أو قَولٌ له حَظٌّ مِن النَّظَرِ ذَكَرْناه؛ إِلفاتًا للطَّالِبِ المُبتَدي لِيَرْشُدَ، وتَنْبيهًا للعالِمِ المُنْتَهِي لِئَلَّا يَنْسَى فَيَفْسُدَ= إلى أنَّ العِلمَ المحبوبَ إلى اللهِ هو العِلمُ الموصِلُ إليه، المعرِّفُ به وبأمرِه ونهيِه،