وإيضاحه أن نقول: قولكم: "لو كان مستويًا على العرش لكان مشابهًا للحوادث"، هذا الربط بين "لو" و"لي" كاذبٌ كاذبٌ كاذبٌ، بل هو مستوٍ على عرشه -كما قال- من غير مشابهة للحوادث، كما أن سائر صفاته واقعة كما قال، من غير مشابهة للخلق ولا يلزم من استوائه على عرشه -كما قال- أن يشبه شيئًا من المخلوقين في صفاتهم ألبتة. بل استواؤه صفة من صفاته، وجميع صفاته منزهة عن مشابهة الخلق، كما أن ذاته منزهة عن مشابهة ذوات الخلق. ويطَّرِدُ هذا في مثل هذا.
وعلى كل حال فالجواب عن شيء واحد من هذا يطرد في الكل.
وآخر ما نختتم به هذه المقالة أنا نوصيكم وأنفسنا بتقوى الله وأن تلتزموا بثلاث آيات من كتاب الله:
الأولى: {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ} [الشورى / 11] فتنزهوا رب السموات والأرض عن مشابهة الخلق.
الثانية: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} فتؤمنوا بصفات الكمال والجلال الثابتة في الكتاب والسنة على أساس التنزيه، كما جاء: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} بعد: {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ}.
النقطة الثالثة: أن تقطعوا أطماعكم عن إدراك حقيقة الكيفية؛ لأن إدراك حقيقة الكيفية مستحيل. وهذا نص الله عليه في سورة طه حيث قال: {يَعْلَمُ مَا بَينَ أَيدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (110)} فقوله: {يُحِيطُونَ بِهِ} فعل مضارع، والفعل الصناعي الذي يسمى بالفعل المضارع وفعل الأمر والفعل الماضي ينحلُّ عند النحويين عن "مصدر"