كان يحتمل معنيين فلا يخلو من حالتين؛ إما أن يكون أظهر في أحد الاحتمالين من الآخر، إما أن يتساوى بينهما. فإن كان الاحتمال يتساوى بينهما فهذا الذي يسمى في الاصطلاح: "المجمل" كما لو قلت: "عدا اللصوص البارحة على عين زيد" فإنه يحتمل أن تكون عينه الباصرة عَوَّروها، أو عينه الجارية غَوَّروها، أو عينه ذهبَه وفضَّتَه سرقوها. فهذا مجمل. وحكم المجمل أن يُتَوَقَّفَ عنه إلا بدليل على التفصيل. أما إذا كان نصًّا صريحًا فالنص يُعْمَل به ولا يُعْدَل عنه إلا بثبوت النسخ. أما إذا كان أظهر في أحد الاحتمالين فهو المسمى بـ "الظاهر"، ومقابله يسمى: "محتملًا مرجوحًا"، والظاهر يجب الحمل عليه إلا لدليل صارف عنه، كما لو قلت: "رأيت أسدًا" فهذا مثلًا ظاهر في الحيوان المفترس، محتمل للرجل الشجاع.
إذًا فنقول: فالظاهر المتبادر من آيات الصفات من نحو قوله: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيدِيهِمْ} [الفتح / 10]، وقوله في صفية النزول وصفية المجيء وما جرى مجرى ذلك، هل نقول: ما الظاهر المتبادر من هذه الصفة أهو مشابهة الخلق، حتى يجب علينا أن نؤول ونصرفه عن ظاهره؟ أو ظاهرها المتبادر منها تنزيه رب السموات والأرض حتى يجب علينا أن نقره على الظاهر من التنزيه؟
الجواب: أن كل وصف أُسْنِد إلى رب السموات والأرض فظاهره المتبادر منه عند كل مسلم هو التنزيه الكامل عن مشابهة الخلق. فإقراره على ظاهره هو الحق، وهو تنزيه رب السموات والأرض عن مشابهة الخلق في شيء من صفاته. وهل ينكر عاقل أن المتبادر