النوع: ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الجار أحق بصقبه" فظاهر هذا الحديث ثبوت الشفعة للجار. وحَمْل هذا الحديث على خصوص الشريك المقاسم حَمْلٌ للفظ على محتمل مرجوحٍ غير ظاهر متبادر، إلّا أن حديث جابر الصحيح: "فإذا ضُربت الحدود وصُرِفت الطرق فلا شُفْعة" دل على أن المراد بالجار الذي هو أحق بصقبه خصوص الشريك المقاسم. فهذا النوع من صرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه لدليل واضح يجب الرجوع إليه من كتاب وسنة. وهذا تأويل يسمى: تأويلًا صحيحًا وتأويلًا قريبًا، ولا مانع منه إذا دل عليه النص.
ب- الثاني هو صرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه لشيء يعتقده المجتهد دليلًا، وهو في نفس الأمر ليس بدليل. فهذا يسمى: تأويلًا بعيدًا. ومثَّلَ له بعضُ العلماء بتأويل الإمام أبي حنيفة -رحمه الله- لفظ "المرأة" في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل".
قالوا: حَمْل هذا على خصوص المكاتبة تأويل بعيد، لأنه صرفٌ للفظ عن ظاهره المتبادر منه؛ لأن "امرأة" و"أي" (?) صيغة عموم. وأكدت صيغة العموم بـ "ما" المؤيدة للتوكيد، فحَمْل هذا على صورة نادرة. هي المكاتبة هذا حَمْلٌ للفظ على غير ظاهر. لغير دليل جازم يجب الرجوع إليه.
ج- أما صرف اللفظ عن ظاهره لا لدليل: فهذا لا يسمى تأويلًا في