أورد الشيخ رحمه الله جملة صالحة من تفاسير السلف من الصحابة والتابعين وغيرهم كما سبقت الإشارة إلى ذلك في تفسير الصحابة والتابعين في المبحثين السابقين.
ومن المعلوم أن السلف كانوا يختلفون في التفسير أحياناً، فما موقف الشيخ وقد أورد شيئاً من ذلك الاختلاف؟.
لبيان هذا أقول: إن الاختلاف منه ما هو اختلاف تباين، ومنه ما هو من قبيل اختلاف التنوع والعبارة، فيذكر كل من المفسرين نوعاً مما هو مندرج تحت أصل عام، أو يعبر عن المعنى بخلاف ما يعبر عنه الآخر، والكل داخل تحت معنى الآية.
وقد بين الشيخ أن أكثر اختلاف السلف في التفسير من قبيل النوع الثاني وهو اختلاف التنوع والعبارة لا اختلاف التضاد والتباين حيث قال: عادة السلف يفسرون اللفظ العام ببعض أفراده، وقد يكون السامع يعتقد أن ذلك ليس من أفراده. وهذا كثير في كلامهم جداً، ينبغي التفطن له1.
ويقول عند قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} 2 الآية.: اختلاف كلام المفسرين، والمعنى واحد، لكن كل رجل يصف نوعاً من التقدم3.أ. هـ.
وذلك أن المفسرين اختلفوا في تحديد معنى التقدم المنهي عنه في الآية-
فقال ابن عباس: لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة.
وقال مجاهد: لا تفتاتوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء حتى يقضي الله على لسانه.
وقال الضحاك: لا تقضوا أمراً دون الله ورسوله من شرائع دينكم.
وقال سفيان الثوري: {لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} بقول ولا فعل.