ليتميز من يؤمن ويسلم ويعمل، ممن يتبع المتشابه ويجادل.
فأما ما يحتاج إلى بيان وإيضاح من النبي "صلى الله عليه وسلم"، ولا يدرك علمه إلا ببيانه، من تفصيل المجمل، وتوضيح المشكل، وتخصيص العام، وتقييد المطلق، ونحو ذلك فقد بينه النبي صلى الله عليه وسلم أتم بيان.
وأما ما زاد بعد ذلك من تفاسير المفسرين فالأمرين:
الأمر الأول: لبعد الناس شيئاً فشيئاً عن اللغة العربية الصحيحة، والذوق السليم، والفهم الصافي، فاحتاجوا بقدر بعدهم إلى إيضاح ما كان واضحاً لمن قبلهم.
الأمر الثاني: ولعظمة كتاب الله تعالى وإعجازه في كل زمان ومكان، فيجد فيه كل ناظر حصيف حاجته وكفايته، فتستنبط المعاني، الكثيرة من الآية الواحدة في كافة العلوم من عقيدة، وفقه، ودعوة، ونحو ذلك.
وأما ما استدل به أصحاب القول الثاني فالذي يظهر لي أنه لا تنهض به حجة على المدعي. وتوضيح ذلك:
1- أن حديث عائشة متكلم فيه حيث روي من طريق جعفر بن محمد الزبيري. وقد قال فيه البخاري: لا يتابع في حديثه. وقال الأزدي: منكر الحديث1.
وعلى فرض صحته فهو محمول على بيان بعض مغيبات القرآن، وتفسير مجمله، ونحو ذلك مما لا سبيل إلى معرفة معناه إلا بتوقيف من الله تعالى، وذلك في أي ذوات عدد بلا شك2.
وقد أجاب الإمام ابن جرير الطبري على الاستدلال بهذا الحديث بكلام حسن يحسن إثباته حيث قال:
ولو كان تأويل الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم – أنه لا يفسر من القرآن شيئاً إلا آيا بعدد3 – وهو ما يسبق إليه أوهام أهل الغباء، من أنه لم