"وتكلم رحمه الله على آخر هذه السورة "أيضاً"1 فقال"2:

"قوله تعالى"3: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} لئلا يستوحش سالك الطريق من قلة السالكين: {قَانِتاً لِلَّهِ} لا للملوك ولا للتجار المترفين،: {حَنِيفاً} لا يميل يميناً ولا شمالاً كفعل "العلماء4" المفتونين: {وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ، خلافاً لمن كثير سوادهم وزعم أنه من المسلمين: {شَاكِراً لَأَنْعُمِهِ} ليس كمن نسي "النعم"5 ونسبها إلى نفسه فصار من المتكبرين: {اجْتَبَاهُ} ليعلم أنه المتفرد بالفضل والتمكين: {وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} لتعرف الاستقامة من الاعوجاج عن الحق كمبين: {وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} "ليعلم"6 أن الدنيا مع الآخرة في اتباع الدين: {وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} ترغيبا في زمرة الصالحين.

ثم ختم هذا الثناء العظيم بالأمر الكبير والعصمة، والقاعدة الكلية فقال: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} "تبيينا"7 للناجين من الهالكين، "وفرقانا"8 بين المحقين والمبطلين، وبياناً للموحدين من المشركين.

"أخر كلامه على هذه السورة، رحمه الله ورضي عنه، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله وصحبه أجمعين"9.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015