- إن هذا هو العقل والصواب- أعني صعود الجبل والصياح في هذه المسألة ولو عده أكثر الناس سفها بل جنونا.
وقوله: لعل الكلمة التي لا يلقي لها بالا يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه، ولعلة يعتقدها نصيحة أو صلة رحم.
والشيخ في استفادته من أسباب النزول يوسع دائرة النظر والاستنباط، فلا يقصر الآية على سبب نزولها، ولا يفسرها بمعزل عن سبب نزولها.
بل يعتبر بسبب نزولها ويستفيد منه، إذ أن معرفة السبب تعين على فهم المسبب كما تقدم. ولا يقصرها على سبب نزولها إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما هو معلوم ولهذا يقول رحمه الله: ... فمازال العلماء من عصر الصحابة فمن بعدهم يستدلون بالآيات التي نزلت في اليهود وغيرهم على من يعمل بها1.
وهذا أمر متقرر ولهذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ضمن كلام له....... والآية التي لها سبب معين إن كانت أمراً أو نهياً فهي متناولة لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنزلته، وان كانت خبراً بمدح أو ذم فهي متناولة ذلك الشخص ولمن كان بمنزلته2.
وهذه هي النظرة الصحيحة لأسباب النزول. ومما يشهد لتطبيقه هذا المنهج الذي سلكه:
قوله عند قول الله تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ} الآيتين3:
"إذا عرفت أن سبب نزولها قول أهل الكتاب: نحن مسلمون نعبد الله، إلا إن كنت تريد أن نعبدك4، عرفت أنها من أوضح ما في القرآن من تقرير الإخلاص