ومن جوانب الاتجاه الإصلاح عند الشيخ والمتعلقة بما سبق:

الإرشاد إلى النظر في حقيقة الأمور بمنظار الشرع، وعدم الاغترار بكثرة من يعمل بها زمنا بعد زمن وما عليه السواد الأعظم من الناس، وليس ضرر ذلك بأقل من ضرر الجمود في التقليد، بل أنه يربو عليه ويكفي في الدلالة على ذلك أن من أعظم ما وقف في وجه دعوات الأنبياء هو هذا، وهو ما أخبر الله به من قول كثير من الأمم لأنبيائهم {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} 1.

فكان الشيخ يستنبط من الآيات ما فيه الدلالة على أن اتباع الحق هوا الحق لا اتباع الناس وإن كثروا {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} 2، {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} 3.

فيقول عند قول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ} 4.

إن الذي حملهم على إنكاره كونه غريباً مخالفاً لما عليه السواد الأعظم، وذلك لا يوجب رده، لأن اتباع الحق إذا ظهر هو الحق. وإذا ظهر الباطل لم يزينه فعل الأكثر له، مثل الرياء والكذب والخيانة5.

ويقول أيضاً عند قول الله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ} الآية6، إنهم لمحبتهم ما هم عليه من الجاهلية، وغرامهم به، نبذوا كتاب الله الذي عندهم وراء ظهورهم كأنهم لا يعرفونه، والذي حملهم على هذه العظائم أنه أتاهم أمر من الله موافق لدينهم لكن مخالف لعاداتهم الجاهلية7. ويقول عند قول الله تعالى مخبراً عن قول هود

طور بواسطة نورين ميديا © 2015