ففي مجال إيضاح توحيد الربوبية:
يوضح الشيخ معنى الرب في تفسير سورة الفاتحة بأنه المالك المتصرف ثم يقول:- وأما العالمين" فهو اسم لكل ما سوى الله تبارك وتعالى، فكل ما سواه من ملك ونبي وانسي وجني وغير ذلك مر بوب مقهور يتصرف فيه، فقير، محتاج، كلهم صامدون إلى واحد لا شريك له في ذلك، وهو الغني الصمد1.
ويستدل على توحيد الربوبية ببديهة العقل، لأن توحيد الربوبية ثابت مشهود، فيقول في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} 2 الآيات:- فإن ذلك من أعظم الأدلة على المسألة- أي الربوبية- ببديهة العقل، أن من رأى نخلا لا يتخالجه شك أن المدبر له ليس نخلة واحدة منه، فكيف بملكوت السماوات والأرض3؟!
ويقول: والله من فضله أعطى الفطر ثم العقول ثم بعث الرسل وأنزل الكتب4، فمع ثبوت آيات الله الكونية الدالة عقلا على ربوبية الله تعالى إلا أن الله قد أقام الحجة على خلقه ببعث الرسل، وإنزال الكتب، لتنبيه الخلق على دلائل ربوبيته ووحدانيته وتقريرها.
وقد سار "رحمه الله" في إيضاح هذا التوحيد مع تلك الآيات القرآنية الدالة على ربوبية الله تعالى، وتفرده بخلق السماوات والأرض والملكوت كله، والتفرد بالضر والنفع والتصرف فيما شاء سبحانه.
فمن دلائل ربوبية الله تعالى خلق المخلوقات، والتصرف فيها، كما في قوله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمّىً أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ} 5.
وقد ذكر الشيخ هذه الآية، ثم ذكر ما فيها من براهين دالة على الدين الحق وضده في مسائل مستنبطه وهي: