بل يذكر الإنسان ما فيه من الفضائل عند الحاجة إذا لم يقصد التزكية كما ورد عن جماعة من الصحابة1.
وكذا قوله عند قول، الله تعالى: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} 2 حيث قال:- تسمية الله سبحانه ذلك رحمة في قوله: {نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ} وهذه من أشكل المسائل على أكثر الناس، بعضهم يظن أن هذا كله نقص أو مذموم، وأن التجرد من المال مطلقا هو الصواب، وبعض يظن أن عطاء الدنيا يدل على رضا الله، وكلاهما على غير الصواب. وذلك أن من أنعم الله عليه بولاية أو مال فجعلها طريقا إلى طاعة الله فهو ممدوح وهو أحد الرجلين اللذين يغبطهما المؤمن، وإن كان غير هذا فلا3.
كما استنبط من قوله تعالى حكاية عن يوسف: {أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ} 4.
إن هذا ليس من تزكية النفس المذموم.
وان هذا ليس من المن والأذى المذموم5.
واستنبط مما حكاه الله عن يعقوب من قوله: {يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} 6 إن الكلام إذا لم يكن فيه جزع لم يناف الشكوى7.
وقال عند قوله تعالى حكاية عن يعقوب أيضاً: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} 8.