كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ} 1 {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ ... } الآية2. حيث قال: قوله: {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} بالفاء.
ولم يذكر الغرض من ذلك ولعل ذلك لما سبق من إرادة تأمل القارئ وبحثه عن السبب، أو لظن عدم خفاء مثل ذلك على القارئ لشهرته.
والغرض من هذا- والله أعلم- أن الانتقام مترتب على طغيان قوم فرعون ومتسبب عن نكثهم، وذلك أن من أغراض العطف بالفاء السببية والتعقيب3.
فظهر بما تقدم الحس البلاغي والنظر المتأمل عند الشيخ.
وقد وظف الشيخ البلاغة بشكل واضح لترسيخ بعض المعاني أو شرحها واستنباطها أو التحذير مما يخالفها.
فانظر إلى قوله- منبهاً على أعظم الأمور في حياة المسلم وهو التوحيد بدلالة أسلوب بلاغي بديع وهو الحصر بطريق النفي والإثبات الذي يذكره كثيراً حيث يقول: إن كلمة التوحيد "لا إله إلا الله" تتضمن النفي والإثبات، نفي الإلهية عما سوى الله سبحانه وتعالى، وإثباتها لله عز وجل4.
ومما يستدل بها على هذا النفي والإثبات قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ} 5 فهذا دليل النفي، ودليل الإثبات: {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي} 6.