من أظهر ما في تفسير الشيخ من النواحي المتعلقة بالعربية وعلومها ما يتعلق بفن البلاغة وضروبها، فقد استفاد الشيخ منها أيما استفادة بل نص على كثير من فنونها وأغراضها، وذلك لأنها تخدم كثيراً منهج الشيخ في إيضاح المعنى والاستنباط، كما أنه يظهر من خلال النص عليه في بيان عظمة أسلوب القرآن، ودقة ألفاظه وتراكيبه وبلاغته وبذلك يظهر للقارئ روعة هذا الكتاب وعظمته. وهو عرض من أغراض التفسير لدى الشيخ.
والناظر في تفسيره واستنباطاته يجد أنه يمتلك دقة في النظر والتأمل وتذوقاً للبلاغة، ويهتم من خلال ذلك ببيان بعض المعاني والنكت وتقريرها أولفت أنظار إليهم أو التحذير من بعض المخالفات وهو يسير في بيان اللمحات والأساليب البلاغية على منهجه العام في الاختصار.
فانظر إلى فهمه ودقته في الاستنباط عند قول الله تعالى لإبليس: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} 1.
حيث قال تعظيم الفعل بقوله: {إِذْ أَمَرْتُكَ} 2.
ووجه هذا التعظيم الذي أشار إليه أن المسألة أمرٌ وتكليف وليست إباحة أو ندباً، ثم إن الآمر هو الرب عز وجل، والمأمور به داخل في جمله العباد المأمورين، ففعله الذي هو النكوص عن السجود عظيم مع توفر هذه الدواعي للامتثال.
وقوله ضمن المسائل المستنبطة من قوله تعالى: {وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} 3.
حيث قال تأكيد النهي4.