إيصال المعنى لطبقات السامعين ورفع السآمة عن نفوسهم، ولا يخدمه في ذلك إلا ثَرَّة لغوية ثرة من أجل أن يأخذ بنواصي البيان، فيلقي جملا تثير خيال النفس، وتهز مشاعر الوجدان، فتنشط الأسماع وتشرئب الأعناق وتتفتح القلوب للعبارات المحكمة والمعاني المتقنة، وبهذا ينطلق اللسان، ويظهر البيان، وتتشنف الأسماع.
2 - الدربة والمران: الخطابة ملكة لا تتكون في دفعة واحدة بل إنها معاناة وممارسة ومران، وإذا كانت الخطابة فكرة وأسلوبا وإلقاء محكما فإن المران ينبغي أن ينتظمها كلها. ففي باب الفكرة عليه أن يتعود ضبط أفكاره ووزن آرائه وحسن الربط بينها ليأخذ بعضها برقاب بعض ويوصل بعضها إلى بعض بتسلسل منطقي مرتب.
وفي باب الأسلوب -كما سبق- الإحاطة بالقول البليغ وحفظ كثير من عيونه وحسن استخدامها.
أما الإلقاء -فكما سبق أيضا- يجمل بالخطيب إجادة الدقة في مخارج الحروف وحسن أدائها بترسل وتخير نبرات الصوت الملائمة انخفاضا وارتفاعا غير هياب ولا وجل.