والدعوة إلى التجديد والتحديث والبعد عن المكرور، لا يغير من الحقيقة الثابتة شيئا وهي أن حياة الناس وأحوالهم في كل زمان ومكان صورة واحدة من تصارع الغرائز واضطراب النفوس وغليان الأحقاد، وفي مقابل ذلك تلقى أحوالا من البرود والانصراف والغفلة وعدم المبالاة.
والخطيب عليه أن يهدي الثائر، ويبعث الفاتر، ويطفئ ثورة الغريزة، ويخفض حدة الأحقاد، ويشيع روح المودة، ويبث الإخلاص والتعاون.
نعم إن حياة الناس صورة معادة وتغيرات متناوبة فأحداث اليوم هي أحداث الأمس والبواعث والمثيرات في الماضي هي ذاتها في الحاضر.
فإنسان الغابة هو إنسان المدَنيَّة، غير أن الأول يحارب بحجر والثاني يرمي بقنبلة، والأول قد يقتل واحدا أو اثنين والثاني يقتل عشرات ومئات، القوي في الغابة يستولي على مرعى أو بئر، أما قوي المدينة يستولي على قطر بأكمله، ويأكل قوت شعب بأكمله وشعوب برمتها ويستبد بمصادر طاقة وموارد حياة مصيرية.
إذا كان ذلك كذلك فكيف يكون الحال لو نجح الدعاة المصلحون في تهذيب الغرائز والتسامي بها؟