المجمل والإثبات المفصل، وقد رد الله تعالى على كل المخالفين لهذه الطريقة بقوله: (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الصافات، الآيات: 180 - 182] (?) .

ويلح ابن تيمية دائمًا في مؤلفاته على قاعدة أصلية يجب الاستناد إليها في توضيح أصول الدين، وهي أن الأولى بيان الحق الذي جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - مستخدمًا الأقيسة العقلية والأمثال المضروبة، لأنها طريقة الكتاب والسنة وسلف الأمة. والآيات القرآنية كثيرة تدل على ضرب الأمثال كما قال تعالى: (وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا) [الفرقان، الآية: 33] كما بين سبحانه بالبراهين العقلية توحيده وصدق رسله والبعث وغيرها من قضايا أصول الدين مجيباً بها على معارضة المشركين، إذ لما سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إحياء الموتى ضرب له المثل بإحياء النبات كما في سورة (يس) وغيرها.

والأحاديث مملوءة أيضًا بذكر صفات الله تعالى، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما منكم من أحد إلا سيخلو به ربه، كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر"، فسأله أبو رزين العقيلي: كيف يا رسول الله وهو ونحن كثير؟ فأجابه الرسول - صلى الله عليه وسلم - ضاربًا المثل، قال: (سأنبئك بمثل ذلك في آلاء الله، هذا القمر من آيات الله كلكم يراه مخليًا به، فالله أعظم) .

ولكن التشبيه هنا تشبيه للرؤية لا للمرئي بالمرئي فإن الله تعالى ليس كمثله شيء. وكانت طريقة الصحابة أيضًا، فقد روي عن ابن عباس أنه لما أخبر بالرؤية عارضه السائل بقوله: (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ) [الأنعام، الآية: 103] ، فقال له: (ألست ترى السماء؟) فقال: بلى فسأله مرة ثانية: تراها كلها؟، أجاب: لا، وبهذا بين ابن عباس للسائل أن نفي الإدراك لا يقتضي نفي الرؤية (?) .

ومضى أئمة الحديث والسنة على نفس الطريقة، إذ عندما أثيرت صفات الله تعالى أيام المحنة، ومنها صفة العلو لله عز وجل، بين الإمام أحمد دلالة القرآن على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015