عن أئمة الحديث، فإن كتبهم طافحة بالرواية عن المبتدعة غير الدعاة. وفي الصحيحين كثير من أحاديثهم في الشواهد والأصول1".

واشترط الإمام الجوزجاني شرطا آخر لقبول رواية المبتدع غير الداعية هو أن لا يكون الحديث الذي رواه مؤيدا لبدعته، فقال: "ومنهم زائغ عن الحق -أي عن السنة- صادق اللهجة فليس فيه حيلة إلا أن يؤخذ من حديثه ما لا يكون منكرا إذا لم يقو به بدعته".

وأيد الحافظ ابن حجر هذا الرأي فقال:

"ما قاله -اي الجوجاني- مته، لأن العلة التي رد لها حديث الداعية واردة فيما إذا كان ظاهر المروي يوافق مذهب المبتدع ولم يكن داية"2اهـ.

وإجماع الأئمة على تلقي الصحيحين بالقبول، وفيهما أحاديث المبتدعة غير الدعاة خير شاهد لتقوية هذا المذهب.

وأما ما وقع في الصحيحين من الرواية لبعض المبتدعة الدعاة، فلا يخل بهذه القاعدة، ولا يطعن في الكتابين3 لأنه قليل نادر جدا كما حقق الحافظ ابن حجر4، وقد توفر فيهم من الصدق: ما لو أن أحدهم أن يخر من السماء أهون عليه من أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. لذلك استثني هؤلاء الرواة القلائل. وواضح أن هذا أمر لا يستطيع تقديره غير أولئك الأئمة المعاصرين للرواة أو قريبي العهد بهم كما أن النادر لا حكم له5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015