فاستشار في ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشاروا عليه أن يكتبها، فطفق عمر يستخير الله فيها شهرا، ثم أصبح يوما وقد عزم الله له فقال:

"إني كنت أردت أن أكتب السنن، وإني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله تعالى. وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء أبدا"1.

وقد أعلن عمر هذا على ملأ من الصحابة رضوان الله عليهم وأقروه، مما يدل على استقرار أمر هذه العلة في نفوسهم. ولذلك فإن هذا المعنى نقل عن جماعة من الصحابة كابن عباس2 وابن مسعود، وأبي موسى الأشعري3 بل نقل ذلك ابن سيرين عن الصحابة عموما فقال:

"كانوا يرون أن بني إسرائيل إنما ضلوا بكتب ورثوها"4. قال الخطيب في تقييد العلم5:

"فقد ثبت أن كراهة الكتاب من الصدر الأول إنما هي لئلا يضاهي بكتاب الله تعالى غيره أو يشتغل عن القرآن بسواه ... ".

من أجل ذلك نجد أن الكتابة التي أذن بها هي التي لا تتخذ طابع التدوين العام، أي لا تتخذ مرجعا يتداول بين الصحابة ولذلك لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أحدا بكتابة الحديث كما أمر بكتابة القرآن، وإنما أذن لأفذاذ من الصحابة بذلك، ولم يكن الصحابة رضوان الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015