آخر فيحكم له بالصحة، وفي ذلك غرر شديد، قال الحافظ العلائي1 "ولا ريب في تضعيف من أكثر من هذا النوع".
وأما حكم حديث المدلس تدليس الإسناد: فقد اختلفت فيه آراء العلماء، فمنهم من شدد فجرحه ولم يقبل حديثه مطلقا، ومنهم متساهل يقبله مطلقا.
والصحيح الذي عليه جمهور الأئمة التفصيل، وهو أن ما رواه المدلس الثقة بلفظ محتمل لم يبين فيه السماع والاتصال حكمه حكم المنقطع مردود، وما رواه بلفظ مبين للاتصال نحو "سمعت، وحدثنا، وأخبرنا" فهو متصل، يحتج به إذا استوفى باقي السند والمتن شروط الاحتجاج.
وهذا لأن التدليس ليس كذبا وإنما هو ضرب من الإيهام بلفظ محتمل2. فإذا زال الاحتمال كان الإسناد متصلا. وقد أخذ بهذا جمهور الفقهاء، لا سيما الشافعي، فإنه أجراه فيمن عرفناه دلس مرة3.
ويدل على صحة ذلك أيضا أن في الصحيحين وغيرهما من الكتب المعتمدة كثيرا من أحاديث هذا الضرب مما صرح فيه بالسماع، كقتادةن والأعمش، وسفيان الثوري، وابن عيينة، وهشيم بن بشير، وغيرهم. فتصحيح الأئمة لأحاديثهم التي بينوا فيها اتصال السند يدل على ما قلناه4.