وقد عارض ذلك ما أخرجه مسلم وأحمد1 عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تكتبوا عني شيئا إلا القرآن فمن كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه".

ووردت الأحاديث عنه صلى الله عليه وسلم في ذلك من رواية جماعة من الصحابة كأبي هريرة وزيد بن ثابت2، مما لا يدع مجالا للتردد في صحة ثبوت ذلك عنه عليه السلام، كما أنه لا مجال للشك في إذنه صلى الله عليه وسلم في الكتابة.

وقد اختلفت آراء العلماء في إزالة هذا التعارض، وفي التوفيق بين الأحاديث: فالإمام ابن قتيبة "276هـ" في "تأويل مختلف الحديث"3 يقول: "إن في هذا معنيين: أحدهما أن يكون من منسوخ السنة بالسنة، كأنه نهى في أول الأمر عن أن يكتب قوله، ثم رأى بعد ذلك لما علم أن السنن تكثر وتفوت الحفظ أن تكتب وتقيد. والمعنى الآخر: أن يكون خص بهذا عبد الله بن عمرو لأنه كان قارئا للكتب المتقدمة، ويكتب بالسريانية والعربية، وكان غيره من الصحابة أميين، لا يكتب منهم إلا الواحد والاثنان، وإذا كتب لم يتقن ولم يصب التهجي، فلما خشي عليهم الغلط فيما يكتبون نهاهم، ولما أمن على عبد الله بن عمرو ذلك أذن له".

وأبدى الخطابي رأيا له وجاهته، قال في معالم السنن4: "يشبه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015