وإذا قيل متفق عليه أو على صحته فمعناه أنه اتفق عليه البخاري ومسلم، لا أنه متفق عليه من الأمة جميعها، لكن الإجماع انعقد على صحة أحاديثهما على الوجه الذي عرفت، فإنه يلزم من اتفاقهما اتفاق الأمة عليه لتلقيهم إياهما بالقبول.

هذا وقد يستشكل ما ذكرناه بما وقع من الانتقاد على أحاديث في الصحيحين أو أحدهما، كالذي اشتهر عن الدارقطني أنه انتقد على الشيخين أحاديث ضعفها، اتفقا على بعضها، وتفرد كل واحد منهما عن الآخر بأحاديث أخرى. لك العلماء تعرضوا منذ أمد بعيد لهذه الانتقادات وأماطوا اللثام عن اندفاعها، وأنها لا تضر بالاحتجاج بالكتابين.

وقال الحافظ ابن حجر في هدي الساري:

"والجواب عنه على سبيل الإجمال أن نقول لا ريب في تقديم البخاري ثم مسلم على أهل عصرهما ومن بعده من أئمة هذا الفن في معرفة الصحيح والمعلل، فإنهم لا يختلفون في أن علي بن المديني كان أعلم أقرانه بعلل الحديث، وعنه أخذ البخاري ذلك، حتى كان يقول: "ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني". ومع ذلك فكان علي بن المديني إذا بلغه ذلك عن البخاري يقول: دعوا قوله فإنه ما رأى مثل نفسه.

وكان محمد بن يحيى الذهلي أعلم أهل عصره بعلل حديث الزهري، وقد استفاد منه ذلك الشيخان جميعا.

وروى الفربري عن البخاري قال: "ما أدخلت في الصحيح حديثا إلا بعد أن استخرت الله تعالى وتيقنت صحته".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015