اعترض على هذا الرأي بأن مالكا لم يخص كتابه بالحديث الصحيح، بل أدخل فيه المرسل والمنقطع والبلاغات أيضا، أي التي يقول فيها: بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا.. وعلى ذلك يكون البخاري هو أول من صنف في الصحيح.
وأجيب بأنه تبين اتصالها، وصلها ابن عبد البر في "التميهد" جميعا خلا أربعة أحاديث من البلاغات لم يصل أسانيدها1. لكن ابن الصلاح وصلها في جزء خاص2. فيكون الموطأ أول مصنف في الحديث الصحيح، قبل صحيح البخاري.
والتحقيق أن الاختلاف في هذا يسير يمكن أن يعتبر خلافا لفظيا، وذلك بأن نقول:
الموطأ أو كتب الصحيح وجودا، بالنظر إلى مطلق الجمع للحديث الصحيح، نعني جمعه ممزوجا بغير المرفوع من أقوال الصحابة والتابعين، وذلك وصف الموطأ، فإنه جمع في الباب بعض ما ورد فيه من الحديث المرفوع ومن أقوال الصحابة وفتاوى التابعين، وكثيرا ما يعقب عليها ببيان العمل بها وما يتفرع عليها من مسائل الفقه. فلم يكن الموطأ مجردا للحديث المرفوع بل ممزوجا بغيره.
أما الجامع الصحيح للإمام البخاري فهو أول مصنف للحديث الصحيح المرجد، لأن البخاري ميز أقوال الصحابة والتابعين فلم يوردها في سياق واحد مع الحديث المرفوع، بل أورد منها أشياء في تراجم "أي عناوين" الأبواب.