وقد وجدنا -بعد تقريرنا لذلك- الحافظ ابن عبد البر1 أخرج عن مالك أنه سئل: "أفيعرض عليك الرجل أحب إليك أو تحدثه؟ " قال: "بل يعرض إذا كان يثبت في قراءته، فربما غلط الذي يحدث أو ينسى".
وهذا يفيد أنه إذا لم يبلغ هذه المرتبة لا يفضل على السماع.
3- الإجازة:
والإجازة هي إذان المحدث للطالب أن يروي عنه حديثا أو كتابا أو كتبا من غير أن يسمع ذلك منه أو يقرأه عليه، كأن يقول له: أجزتك أو أجزت لك أن تروي عني صحيح البخاري، أو كتاب الإيمان من صحيح مسلم. فيروي عنه بموجب ذلك من غير أن يسمعه منه أو يقرأه عليه.
وقد أجاز الرواية بها جمهور العلماء، من أهل الحديث وغيرهم2. وقد وجد المصنفون في هذا الفن غموضا في الاستدلال لجواز الإجازة3، لكنا نوضحه لك فنقول:
إن العلماء اعتمدوا على الإجازة بعدما دون الحديث وكتب في الصحف وجمع في التصانيف، ونقلت تلك التصانيف والصحف عن أصحابها بالسند الموثوق الذي ينتهي بقراءة النسخة على المؤلف أو مقابلتها بنسخته، فأصبح من العسير على العالم كلما أتاه طالب من طلاب الحديث أن يقرأ الكتاب، فلجئوا إلى الإجازة.
فالإجازة فيها إخبار على سبيل الإجمال بهذا الكتاب أو الكتب