ومن القرائن التي تتميز بها الرواية قبل الاختلاط أن يكون الحديث من رواية الكبار من أصحاب الراوي المختلط أي الذين علم أنهم سمعوا منه في وقت مبكر وإن لم ينص على تاريخ سماعهم. فقد وجدناهم يصرحون بصحة رواية هؤلاء، مثل عطاء بن السائب، قال الخطيب في الكفاية1: "قد اختلط في آخره عمره، فاحتج أهل العلم برواية الأكابر عنه مثل سفيان الثوري وشعبة لأن سماعهم منه كان في الصحة، وتركوا الاحتجاج برواية من سمع منهم أخيرا".
ومثل سعيد بن أبي سعيد المقبري: قيل أنه اختلط قبل وفاته بأربع سنين فأخرج له البخاري من حديث مالك وإسماعيل بن أبي أمية وعبيد الله بن عمر العمري وغيرهم من الكبار كما في هدي الساري.
قال العلامة التهانوي2 "قلت فرواية الكبار من أصحاب المختلط محمولة على الصحة".
وقد وقع في الصحيحين أحاديث يروى عمن اختلط من الثقات، مما قد يستشكل، فقال ابن الصلاح3:
"واعلم أن من كان من هذا القبيل محتجا به في الصحيحين أو أحدهما فإنا نعرف على الجملة أن ذلك مما تميز وكان مأخوذا عنه قبل الاختلاط".
وهذا جواب سديد أيده العلماء وقرروه في مصنفاتهم4 يشهد له إجماع العلماء على تلقي أحاديث الكتابين بالقبول.