مسألة فناء النار:
خلود الجنة والنار وبقاؤهما بإبقاء الله لهما، وعدم فنائهما، ولا فناء من فيهما، ثابت بالكتاب والسنة، ولا يوجد فرق في النصوص بين خلود الجنة وخلود النار. قال تعالى في الجنة وأهلها: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} 1، وقال تعالى: {وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} 2، وقال تعالى عن النار وأهلها: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً} 3، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً} 4، وقد سماها الله تعالى "دار الخلد" فقال: {ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ} 5.
وورد في السنة أحاديث تدل على ذلك أيضاً ـ أعني أبدية الجنة والنار وخلود أهلهما فيهما ـ من دون فرق بينهما ـ منها حديث عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يُدخل الله أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، ثم يؤذن مؤذن بينهم فيقول: يا أهل الجنة لا موت، ويا أهل النار: لا موت، كل خالد فيما هو فيه" 6، ففي هذا الحديث دلالة على خلود الدارين وأهلهما من دون فرق بينهما. وعلى ذلك أجمع السلف وأصحاب الحديث 7.