التفصيل 1، إلا أنني يمكنني أن أقول: إن أئمة الحديث قد بينوا الصحيح من غيره، وصنفوا في الموضوعات، وسجلوها حتى تعرف فلا تشتبه على أحد، ووضعوا قانوناً في الرواية عن الثقات، وبينوا الضعفاء والمتروكين والمتهمين بالكذب، حتى لم يبق صاحب بدعة أو كذب إلا وأظهروا أمره فحفظ الله تعالى سنة نبيه صلى الله عليه وسلم بهم.

ثم إن الوضع في الحديث لم يقتصر على باب دون باب، بل تعددت دوافعه فتعددت موضوعاته 2 ولا يدفعنا ذلك إذن إلى طرح الثقة بالروايات الصحيحة خوفاً من الوقوع فيما نحذر. فإذا كانت هناك روايات وضعت في المهدي تعصباً فإن ذلك لا يجعلنا نترك ما صح منها، فقد جاءت الروايات الصحيحة التي فيها ذكر المهدي وصفته واسمه واسم أبيه، فإذا عين إنسان شخصاً وقال: إنه المهدي دون أن يساعده على ذلك الدليل فهي من الدعاوى الباطلة المردودة، ولا يدفعنا ذلك إلى إنكار ما جاء في الصحيح من أمر المهدي 3.

ثانياً: إن أحاديث المهدي الكثيرة التي ألف فيها مؤلفون وحكى تواترها جماعة، واعتقد موجبها أهل السنة والجماعة وغيرهم، تدل على حقيقة ثابتة بلا شك، ولا صلة البتة لهذه الحقيقة الثابتة عند أهل السنة بالعقيدة الشيعية، فإن ما يعتقده الشيعة على اختلاف فرقها من مهديين لا حقيقة له ولا أصل، بل هو شيء موهوم لا يقوم على ساق من الأدلة 4. ولذلك فإن الخلاف بين الشيعة والسنة في ذلك ليس خلافاً معتبراً فيه حقيقة الخلاف العلمي، بل خلاف بين الدليل والوهم، فلا يعارض بهذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015