الْمُرْسَلِينَ} 1، وهذا النوع شهادة بغير لفظ الشهادة، قال: "وهي غير شرط في صحتها خلافاً لبعض الفقهاء" 2، ولكن وردت الشهادة بلفظها أيضاً ـ كما في الآيات التي في صدر البحث. وأورد منها الشيخ رشيد قوله تعالى: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} 3، وقوله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} 4، فهذا النوع الأول يشمل الشهادة بلفظ الشهادة وبغير لفظ الشهادة، وأما النوع الثاني من شهادة الله لرسوله بالرسالة فهو: تأييده له بالآيات الكثيرة، وأعظمها القرآن. ومنها غير القرآن من الآيات الحسية، والأخبار النبوية بالغيب. والنوع الثالث من شهادته تعالى لرسوله: شهادة الكتب السابقة له وبشارة الرسل به 5.
وأما القسم الثاني: وهو شهادة الله تعالى لما جاء به الرسول من التوحيد والبعث، فيقسمه الشيخ رشيد إلى ثلاثة أنواع كذلك:
أحدها: شهادة كتابه بذلك، كقوله: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} 6.
ثانيها: ما أقامه من الآيات البينات في الأنفس والآفاق على توحيده واتصافه بصفات الكمال.
ثالثها: ما أودعه جل شأنه في الفطرة البشرية من الإيمان الفطري، وبالألوهية وبقاء النفس وما هدى إليه العقول السليمة من تأييد هذا الشعور الفطري بالدلائل والبراهين 7.