فقول محمد عبده عن المثبتين للسحر المتمسكين بالحديث أنهم "لا يعقلون ما هي النبوة ولا ما يجب لها" وإنكاره عليهم قولهم: "إن الخبر بتأثير السحر في النفس الشريفة قد صح فيلزم الاعتقاد به ... " هو صحيح، إذ أن النبوة عند الفلاسفة الذين أعجب بهم محمد عبده بعد درسه للإشارات، هي من قوى النفس فالطعن في "قوى النفس" طعن في النبوة. وغني عن البيان أن هؤلاء الفلاسفة هم الذين "لا يعقلون ما هي النبوة ولا ما يجب لها" ولا أحد يطعن في الأنبياء طعنهم، إذا أنهم يقولون إن الأنبياء لا يخبرون بالحقائق على ما هي عليه، بل يتابعون "الجمهور" في ما يعتقدون ويخبرونهم بما "يفهمونه ويتخيلونه" بضروب من التمثيل والتخييل 1. كما أنني أريد أن أشير إلى قول رشيد رضا أيضاً أنه "لم ير من علماء الملة متقدميهم ومتأخريهم، من بين لنا فضل تلك النفس الزكية العلوية.... ما بينه لنا هذا الإمام الجليل" وأقول إن هذا "بهت وافتراء" على علماء الملة "متقدميهم ومتأخريهم" إذ أنهم رحمهم الله تعالى قد قاموا ببيان حقيقة النبوة ووضعوها في موضعها، ونقلوا لنا حقيقة هذه "النفس العلوية" بما لم تقم به أمة من الأمم، حتى صار عملهم ذلك من علامات نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم. وبعد ذلك كله ذكر رشيد رضا أقوالاً أخرى لمنكري السحر ثم ختم ذلك بقوله: "وإن لنا في هذا الحديث كلمتين:
إحداهما في سنده: وهي: أن الذين أعلوا الحديث بهشام بن عروة 2، ورد عليهم العلامة ابن القيم باتفاق الجماعة على تعديله لهم وجه