الدعوى التي ادعاها يوسف الدجوي 1 على رشيد رضا وهي: "إنكاره للملائكة" وقد ردّ رشيد رضا نفسه هذه الدعوى، رداً مجملاً ومفصلاً، فمن حيث الجملة قال: "فمن كان لا يؤمن بالملائكة فهو لا يؤمن بوحي الله إلى رسله، ولا يكون مسلماً ولا يهودياً ولا نصرانياً ولا ملياً وثنياً. فإن كان صاحب المنار من هذا الصنف فلماذا سكت له على كفره هذا علماء الأزهر الأعلام وغيرهم من علماء الإسلام مدة خمس وثلاثين سنة ... هذا ما نقوله من ناحية الإلزام العقلي ونقضي عليه ببعض الشواهد الناطقة بعقيدة الإيمان بالملائكة واتباعنا عقيدة السلف الصالح فيهم ... " 2.ثم أورد الشيخ رشيد سبعة شواهد من تفسيره لتدل تفصيلاً على اعتقاده فيهم.

وأما الشبهة التي اعتمد عليها في توجيه هذه التهمة للشيخ رشيد فهي عبارة نقلها عن الأستاذ محمد عبده كما يقول الشيخ رشيد:"وإنما هي حكاية حكاها الأستاذ الإمام عن بعض الناس ونقلها مؤلف التفسير عنه، فلو كانت كفراً لكانت من باب حاكي الكفر ليس بكافر، فكيف بالحاكي عن الحاكي" 3.

والحق أن الشيخ رشيد كان أحياناً يعقب على آراء محمد عبده، ولكنه كان يسكت في أحيان أخرى، والسكوت علامة الموافقة مما يجعل الحجة تتجه عليه، إلا أنني أميل لقبول رده هذا، لما سبق بيانه في هذا الفصل، وكما أني أميل لقبول رده في المسائل الأخرى، إذا أن الصدق هو الأصل في مثل رشيد رضا 4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015