يعني أن الله تعالى يقدر الهدى والضلال، على وفق مبدأ السببية وارتباط الأسباب بالمسببات.
وقد نقل الشيخ رشيد رضا عن شيخه معنى الهداية ومراتبها، فقال:
"ذكر الأستاذ الإمام أولاً ما قالوه في معنى الهداية لغة من أنها الدلالة بلطف على ما يوصل إلى المطلوب ... " 1.
ثم ذكر أنواعها ومراتبها، فقال نقلاً عنه: "ومنح الله تعالى الإنسان أربع هدايات يتوصل بها إلى سعادته:
(أولاها) : هداية الوجدان الطبيعي والإلهام الفطري، وتكون للأطفال منذ ولادتهم....
(الثانية) : هداية الحواس والمشاعر وهي متممة لهداية الأولى في الحياة الحيوانية، ويشارك الإنسان فيها الحيوان الأعجم، بل هو فيها أكمل من الإنسان....
(الهداية الثالثة) : العقل: ... وهي العقل الذي يصحح غلط الحواس والمشاعر ويبين أسبابه....
(الهداية الرابعة) : ... ، أشار القرآن إلى أنواع الهداية التي وهبها الله تعالى للإنسان في آيات كثيرة، منها قوله تعالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} 2 أي طريقي السعادة والشقاوة والخير والشر. قال الأستاذ الإمام: وهذه تشتمل هداية الحواس الظاهرة والباطنة وهداية العقل وهداية الدين. ومنها قوله تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} 3 أي دللناهم على طريقي الخير والشر، فسلكوا سبل الشر المعبر عنه بالعمى ... " 4.