تَعْمَلُونَ} 1 فذهب كل فريق إلى ترجيح إحدى المسألتين على الأخرى، والأخذ ببعض الأدلة في سبيل تأييد دعواه وترك البعض الآخر، وأعرض الآن وباختصار إلى أقوال هذه الفرق، تمهيداً لمعرفة منهج رشيد رضا في هذا الباب.

أولاً: المعتزلة:

ذهبت المعتزلة إلى أن إرادة الإنسان هي المتصرفة وحدها في أفعاله، وأنه هو الخالق لها، لذا فهو المسؤول عنها والمحاسب عليها، وأنها خارجة عن إرادة الله تعالى وخلقه، ولا تدخل تحت قدرته، فالله سبحانه لا يهدي ضالاً ولا يضل مهتدياً، ويريد ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يريد 2. فزعموا أن في المخلوقات ما لا تتعلق به قدرة الله تعالى وإرادته ومشيئته وخلقه. واستدلوا بأدلة من العقل على مذهبهم هذا 3. ولم ينكر المعتزلة العلم الأزلي، ولكنهم قالوا: إنه غير ملزم بل هو صفة كشف ـ فقط ـ عن العلوم. وكذلك: لم تنكر المعتزلة أن القدرة التي يخلق بها العبد فعله هي من الله تعالى، وقالوا: هي قدرة واستطاعة قبل الفعل، صالحة للضدين 4. وأدلة الكتاب والسنة متواترة على بطلان هذا المذهب. قال تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} 5، وهذا عام لا يخرج منه شيء من العالم أعيانه وأوصافه وأفعاله وحركاته وسكناته 6، قال تعالى: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} 7،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015