وهذا الاستدلال من الشيخ رشيد استدلال صحيح، يقول شيخ الإسلام: "والاستغاثة بالميت والغائب سواء كان نبياً أو ولياً ليس مشروعاً ولا هو من صالح الأعمال، إذ لو كان مشروعاً حسناً من العمل لكانوا به أعلم وإليه أسبق، ولم يصح عن أحد من السلف أنه فعل ذلك" 1.
واستدل المجوزون للتوسل بأدلة، ظنوا أن فيها سنداً لما ذهبوا إليه، منها أحاديث باطلة، كحديث: "إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأصحاب القبور" 2، قال الشيخ رشيد جواباً على هذا الحديث: " ... الحديث لا أصل له ولم يروه المحدثون ... وإذا فرضنا أن الحديث صح وكان معناه ما ذكرتم 3 ... فإننا نرجح عليه ما يعارضه مما هو أقوى منه، كحديث الطبراني مرفوعاً: "إنه لا يستغاث بي إنما يستغاث بالله" 4 وحديث ابن عباس مرفوعاً: "وإذا استعنت فاستعن بالله" 5 بل عندنا القطعي، كقوله تعالى: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} 6 ... " 7.
ويتأول الشيخ رشيد رضا هذا الحديث على فرض صحته، على أن المراد منه زيارة القبور الزيارة الشرعية التي أباحها الشرع للاعتبار، فهو كحديث أنس عند البيهقي: "أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا إليه قسوة القلب، فقال: اطلع في القبور واعتبر في النشور" 8، فلو صح هذان