ثانياً: التوكل:
التوكل عمل كمن أعمال القلب، ليس بقول لسان ولا عمل جوارح. وورد في تعريفه أقوال متعددة1. والحق: أن التوكل حال مركبة من مجموع أمور لا تتم حقيقة التوكل إلا بها. وأول درجاته: معرفة الرب بصفاته. فمن كان بالله وصفاته أعلم كان توكله أصح وأقوى2.
والتوكل من خصائص الإلهية، فمن توكل على غير الله فقد شبه هذا المتوكل عليه بالله تبارك وتعالى3.
وقد فرض الله عز وجل هذه العبادة على عباده فقال: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} 4 وقال: {عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} 5 وقال: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ....} 6.
وقد تناول الشيخ رشيد هذه العبارة في تفسيره وبين علاقة التوكل بالأسباب، وبين أن الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل.
فعند قوله تعالى: {عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} 7 وقال: "وعلى الله فليتوكل المؤمنون، ولا يتوكلوا على غيره، لأن النصر بيده وهو الموفق لأسبابه ... "8 وقال مبينا أن التوكل عمل قلبي: " ... فالتوكل محله القلب"9.