بحوثهم الحديثة ورقيهم في العلوم والصناعات، وموقف الكنيسة من هذا التقدم 1، بدا لعقلائهم أن دينهم الذي اعتنقوه لا يتفق مع العقل والعلم، ثم طردوا هذه النتيجة على كل دين 2. فكان هذا منشأ الإلحاد في أوروبة، الذي أتى إلينا معهم من خلال الاحتكاك المباشر في مصر لما أتوا مستعمرين. وفي أوروبة لما ذهبنا متعلمين.
لقد انتقلت عقلية الإلحاد الأوروبي إلى العقلية المصرية وفشت بين المتعلمين العصريين في المدارس الجديدة التي لم يكن فيها صبغة دينية 3. لقد بدا أن "العلم الحديث " قد قضى على الأديان كلها ولم يستثن منها الإسلام 4. وتسللت هذه الأفكار حتى وصلت إلى عقول بعض العلماء 5ولقد كان دستور هذا العلم الحديث هو: "كل معقول لا يؤيده محسوس لا يلتفت إليه"6. وبناء على ذلك طرحت فكرة الإيمان بالله وحده، وهي رأس الدين وأساسه الأول، وبدا أن هذه الفكرة قد سيطرت على عقول الكتاب والمفكرين حتى في الصحف والمجلات السيارة. وتبعاً لإنكار هذه الفكرة جاءت فكرة أخرى هي: إنكار كل ما يتصل بعالم الغيب 7.
ولم يتوقف الأمر عند أصول الدين بل امتد أيضاً إلى فروعه الفقهية