يحيط أهل العلم والإيمان بعلمه ولما يأتهم تأويله، فإن الإحاطة بعلمه معرفة معاني الكلام، وإتيان تأويله نفس وقوع المخبر به، فالخبر له صورة علمية في الذهن، وله حقيقة ثابتة في الخارج، فمعرفة معناه هو معرفة الصورة العلمية في الذهن، وتأويله هو الحقيقة الخارجية 1، فإن كان أمراً فتأويله هو نفس الفعل المأمور به، وإن كان خبراً فتأويله عين الأمر المخبر به إذا وقع 2.

وأما الشيخ رشيد رضا فإنه قد عرّف المحكم والمتشابه فقال: "المحكمات من أحكم الشيء بمعنى وثقه وأتقنه، والمعنى العام لهذه المادة: المنع، فإن كل محكم يمنع بإحكامه تطرق الخلل إلى نفسه أو غيره ... والمتشابه: يطلق في اللغة على ما له أفراد أو أجزاء يشبه بعضها بعضاً، وعلى ما يشتبه من الأمر أي: يلتبس ... وقد وصف القرآن بالإحكام على الإطلاق في أول سورة هود بقوله: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} 3، وهو من إحكام النظم وإتقانه أو من الحكمة التي اشتملت آياته عليها. ووصف كله بالمتشابه في سورة الزمر: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً} 4 أي: يشبه بعضه بعضاً في هدايته وبلاغته وسلامته من التناقض والتفاوت والاختلاف ... " 5.

ثم ذكر أقوال المفسرين في المحكم والمتشابه، ثم أقوال شيخه، ولم يقنع بشيء إلا بما كتبه شيخ الإسلام في تفسيره لسورة الإخلاص، فقال عنه: " ... فإذا هو منتهى التحقيق والعرفان، والبيان الذي ليس وراءه بيان ... " 6.ثم لخصه فقال: "أثبت فيه أن ليس في القرآن كلام لا يفهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015