فليس كل تأويل يعذر صاحبه، وأما ما ذكره الشيخ عن أحمد وغيره في كلامهم عن المعية فسيأتي في موضعه.
ومهما يكن من شيء فإن التأويل لا يجوز بحال، وأعني به التأويل المذموم الذي لا يدل عليه النص الشرعي، ولو كان بحجة إنقاذ شخص من عثرة قد تؤدي به إلى الكفر، فإنني لا أرى التأويل بعيداً عن الكفر 1.
ثانياً: المحكم والمتشابه:
ومن الأصول التي بنى عليها المتكلمون مذهبهم في الصفات ـ وهو مما له ارتباط وثيق بمسألة التأويل ـ إدخالهم أسماء الله وصفاته أو بعضها في المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله تعالى تمسكاً بقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} 2.
فجعل المتكلمون أسماء الله وصفاته بمنزلة الكلام الأعجمي الذي لا يفهم، فكأن الله تعالى أنزل كلاماً لا يفهم أحد معناه 3.
وإنما أنزل تعالى القرآن، ليفهم ويتدبر، بلسان عربي مبين، قال تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ، قُرْآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} 4 وقال تعالى: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ