هذا الاتفاق شروط مجحفة بمصر والمصريين 1، إلا أن إسماعيل باشا أو إسماعيل العظيم كما يسميه الأوروبيون 2، والذي كان أكبر الناس شبهاً بجده في سياسته استطاع أن يعدل هذه الشروط ويتخلص من الإجحاف 3. ولقد كانت جهود إسماعيل باشا لرفع شأن بلاده في مضمار الحضارة موفقة أيضاً، فقد اهتم اهتماماً بالغاً بتنمية مصر من كافة الجهات، فخدم الزراعة والصناعة والتعليم بما لم يفعله أحد قبله، ولقد أصبح القطن المصري أو الذهب الأبيض ذا شهرة عالمية لا سيما بعد توقف أميركا عن إنتاجه بسبب الحرب الأهلية هناك، فارتفع سعر القطن المصري الذي توسع في زراعته جداً، فأصبح مصدر خير كبير لمصر، استمر إلى يومنا هذا 4، ولكنه كان متعجلاً في خطته، فأسرع إلى تنفيذها، وتوسع في الاقتراض معتمداً على "الذهب الأبيض" الذي ما لبث أن انخفض سعره بسبب توقف الحرب الأهلية في أميركا وعودة القطن الأميركي إلى السوق 5، وبدأت الأزمة المالية تشتد، وحاول إسماعيل الخروج منها بكل سبيل حتى باع أملاكه وأملاك أسرته، إلا أن أوروبا لم تشأ أن تمكنه من ذلك فعملت على خلعه ونجحت في ذلك. وفي عهد ابنه توفيق استغلت إنجلترا حماقة أحد ضباط الجيش المصري واحتلت مصر بجيوشها، ومن ذلك الحين أصبح في مصر حاكمان: أحدهما شرعي هو: الخديوي، والآخر فعلي هو: إنجلترا 6.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015