عندما استولت الدولة العثمانية على البلاد العربية كانت قد وصلت إلى أوج قوتها، وأقصى حدود اتساعها. وبلغت ذروة مجدها. فإن طور "الاستيلاء والتوسع" في هذه الدولة قد بلغ مداه في عهد السلطان العاشر: "سليمان القانوني" 1 أو كما يسميه الأوربيون: "سليمان العظيم" 2. إذ كانت الدولة العلية في عهده قد شملت شبه جزيرة مورة مع جميع بلاد البلقان وسارابيا والقرم، كما ضمت معظم أقسام المجر ووصلت إلى أسوار فيينا 3.
ويبدو أن الدولة العثمانية، أو الدولة العلية كانت قد انقطعت أنفاسها عندما وصلت إلى أسوار فيينا، فلم تتوسع حدود الدولة بعد ذلك توسعاً يذكر، بل أخذت تتقلص وتتراجع شيئاً فشيئاً 4. وصارت الدولة تفقد البلاد العربية الواحدة بعد الأخرى وفي تواريخ مختلفة. فلقد استولت فرنسا على الجزائر سنة 1830م. واستولت انجلترا على عدن 1839م. وبعد نحو أربعين عاماً احتلت فرنسا تونس 1881م. واحتلت إنجلترا مصر سنة 1882م. 5 وبعد ثلاثة عقود استولت إيطاليا على طرابلس الغرب سنة 1912م. وفي الأخير خرجت بقية البلاد العربية من حوزة الدولة العثمانية